الأربعاء، 27 يناير 2010

الأحد 21 ربيع الأول 1431 ـ 7 مارس 2010

لا تسمحوا لهم بإحراق مناراتكم الثقافية

يجب أن نسلم بادئ ذي بدء بأن العلاقة جد قوية بين الأدب بمعناه الإبداعي والأدب بمعناه السلوكي والأخلاقي.. وعليه فلا ينبغي الفصل بينهما تحت مسمى (حرية الإبداع) وإلا تحولت تلك الحرية إلى فوضى.

كذلك الالتزام بالقيم والسلوكيات يجب أن يرتبط بالتعقل وعدم التهور والانفلات والاعتداء على هيبة الدولة والقانون.. وإلا تحول هو الآخر إلى فوضى سلوكية ... ويستحيل أن تتم معالجة فوضى بفوضى!

فإذا انتقلنا للحديث عن الدور الكبير الذي تقوم به الأندية الأدبية على المستوى الثقافي والنهوض بالمجتمع لمسايرة حركة الفكر العالمي الذي أصبح ينظر إلينا من علٍ ... وكأن مفكريه يملكون عقولاً لا نملكها.. أو إبداعات تستحيل علينا.. أو أفكارا نعجز عن الإتيان بمثلها؟!.. وجدنا أن تلك الأندية الأدبية تؤدي دوراً هاماً في مجال المنافسة المتكافئة بيننا وبينهم باعتبارها منارات للفكر، ومعامل تفريخ للمبدعين، وراعية للمواهب.. وعليه فلن يعرضها للحرق إلا أعداء هذا الوطن.. الذين مهمتهم الأساسية وربما الوحيدة هي إشعال نار الفتن، وترسيخ مبدأ التخلف. وبناء عليه يجب ألا تخدعكم الدعاوى المشبوهة التي يرددها هؤلاء لتبرير أفعالهم الإجرامية.. التي تحاول تهديد أمن هذا البلد الذي جعله الله قبلة للعالمين.. وقولوا لهم لا تحرقوا الأندية الأدبية.. بل تكاتفوا معها لإحراق التخلف والجهل والمرض.لا تجعلوا النار التي تدعون بها على أعدائكم.. هي ذاتها وسيلتكم للحوار مع إخوانكم وأهليكم.. لأن الذين يعادون أوطانهم وإخوانهم.. هم بسلوكهم هذا يعادون أنفسهم مما يدفعنا لحثهم على العودة إلى صوابهم، والكف عن تلك الأعمال الصبيانية.. التي تسيء أول ما تسيء لهذا الدين القويم.. الذي اشتق اسمه من (سلام) فإذا بهؤلاء يحاولون تشويه هذا المعنى السامي بسموم الفرقة والتمزق والتمرد والعصيان ونيران الغل والحقد والعدوان!

ومن عجب أن يتم هذا مرة باسم الدين ومرة باسم العادات والتقاليد.. فهل توافق عاداتنا وتقاليدنا على أسلوب الحرق والقتل؟!

سؤال يكشف عوار أفكار هؤلاء المتطرفين الذين يتمسحون بالقيم في ذات الوقت الذي يعتدون فيه عليها، ويتمسحون بالعادات والتقاليد... في ذات الوقت الذي يتبرؤون منها، ويتمسحون بالدين..وهم أبعد ما يكونوا عن الالتزام بمنهجه الراقي وأسلوبه السمح.
وليعلم الذين تخدعهم الدعاوى المغرضة والمضللة لهؤلاء أن التساهل والتهاون معهم سيجعلهم يتمادون في غيهم.. وليس بعيداً أن تطال نيرانهم الهوجاء مدارسنا ومعاهدنا العلمية..لسبب بسيط هو أنهم أعداء العلم والتقدم..أصحاب شعار استشراف الماضي والعودة للخلف در.. على طريقة هات ورا هات.. هم أعداء النور باعتبارهم خفافيش ظلام.. لا يتمكنون من أداء دورهم إلا تحت جنح الليل البهيم!

فيا أيتها الأندية الأدبية.. يا من منحتنا نوراً.. فعاقبوك بنار.. ويا من استقبلت أبناءك المبدعين برحابة صدر.. فضاقت بك صدور أعدائك.. كم نشعر بالخجل مما يفعله هؤلاء المارقون بك.. فلا تجزعي من عقوق بعض أبناء الوطن.. وادع لهم بالهداية.. فأنت أكبر من أن تبادليهم بغضاً ببغض..

أيتها الأندية الأدبية.. لا تتواني عن أداء دورك.. ولا تتراجعي عن دعم أبنائك.. واجعلي من يوم هذا الحريق تاريخاً وعيداً سنوياً لذكرى التصدي لهذا الفكر المتطرف والسلوك الهمجي البغيض.

مجدي شلبي